تعليم

منزلة الدعاء في الإسلام

ان للدعاء في الاسلام منزلة خاصة مثل دعاء السفر او غيره من الادعية التي يحفظها المسلمون بكشل عام، حيث  قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة، ثم قرأ ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وقال صلي الله عليه وسلم: “أفضل العبادة الدعاء”

لا يزال المؤمن بخير ما تعلق قلبه بربه ومولاه، وثمة عبادة هي صلة العبد بربه، وهي أنس قلبه، وراحة نفسه.

ويتقلب الناس في دنياهم بين أيام الفرح والسرور، وأيام الشدة والبلاء، وتمر بهم سنين ينعمون فيها بطيب العيش، ورغد المعيشة، وتعصف بهم سنين أخرى عجاف، بتجرعون فيها –والعياذ بالله- الغصص أو يكتوون بنار البعد والحرمان.

ففي زمان الحضارة والتقدم، في كل يوم يسمع العالم باختراع جديد، أو اكتشاف فريد في عالم الأسلحة، على تراب الأرض، أو في فضاء السماء الرحب، أو وسط أمواج البحر، وإن السلاح هو عتاد الأمم الذي تقاتل به أعداءها، فمقياس القوة والضعف في عرف العالم اليوم، بما تملك تلك الأمة أو الدولة من أسلحة أو عتاد.

ولكن ثمة سلاح لا تصنعه مصانع الغرب أو الشرق، إنه أقوى من كل سلاح مهما بلغت قوته ودقته، والعجيب في هذا السلاح أنه عزيز لا يملكه إلا صنف واحد من الناس، لا يملكه إلا المؤمنون الموحدون، إنه سلاح رباني، سلاح الأنبياء والأتقياء على مر العصور.

طالع ايضا : ما هو اللايف كوتش و أهم فوائده

سلاح نجى الله بن نوحاً عليه السلام فأغرق قومه بالطوفان، ونجى الله به موسى عليه السلام من الطاغية فرعون، ونجى الله به صالحاً ويونس وأيوب، وأهلك ثمود، وأذل عاداً وأظهر هوداً عليه السلام، وأعز محمداً صلي الله عليه وسلم في مواطن كثيرة.

سلاح حارب به رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، أعتى قوتين في ذلك الوقت: قوة الفرس، وقوة الروم، فانقلبوا صاغرين مبهورين، كيف استطاع أولئك العرب العزل أن يتفوقوا عليهم وهم من هم، في القوة والمنعة، ولا يزال ذلكم السلاح هو سيف الصالحين المخبتين مع تعاقب الأزمان وتغير الأحوال.

فقد جعل الله تعالى من الدعاء عبادة وقربى، وأمر عباده بالتوجه إليه لينالوا عنده منزلة رفيعة وزلفى، أمر بالدعاء وجعله وسيلة الرجاء، فجميع الخلق يفزعون في حوائجهم إليه، ويعتمدون عند الحوادث والكوارث عليه.

من آداب الدعاء وأسباب الاستجابة:

أولاً:

أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الشهور، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، وبين الأذان والإقامة وغيرها.

روى الترمذي وأبو داود وأحمد في مسنده- وحسنه ابن حجر، أن أنساً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة”

ثانياً:

أن يغتنم الأحوال الشريفة كحال الزحف، وعند نزول الغيث، وعند إفطار الصائم، وحالة السجود، أثناء السفر.

أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء”.

ثالثاً:

أن يدعو مستقبلاً القبلة رافعاً يديه مع خفض الصوت بين المخافتة والجهر، وأن لا يتكلف السجع في الدعاء، فإن حال الداعي ينبغي أن يكون حال متضرع، والتكلف لا يناسبه، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة :186.

ذكر ابن حجر عن بعض الصحابة في معنى قوله تعالى: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) الإسراء:110، أي لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتعير بها.

رابعاً:

الإخلاص في الدعاء والتضرع والخشوع والرغبة والرهبة، وأن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاؤه فيه.

قال الله تعالى: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة:14-16 .

أخرج الترمذي والحاكم- وقال: حديث مستقيم الإسناد- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه).

خامساً:

أن يلح في الدعاء ويكون ثلاثاً ولا يستبطىء الإجابة ، قال تعالى: (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ)النمل:62

وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “يستجاب لأحدكم مالم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي”.

سادساً:

أن يفتتح الدعاء ويختمه بذكر الله تعالى والصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم ثم يبدأ بالسؤال.

قال سبحانه: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف :180، وأخرج النسائي وابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:كنت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم جالساً ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد دعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنان، بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك.. فقال النبي صلي الله عليه وسلم لأصحابه: (تدرون بم دعا؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم، الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى).

سابعاً:

التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكل الهمة، وهو الأدب الباطن، وهو الأصل في الإجابة، وتحري أكل الحلال، كما قال الغزالي رحمه الله.

أخرج الطبراني والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : “من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد، فليكثر من الدعاء في الرخاء”.

قال الأوزاعي رحمه الله: خرج الناس يستسقون فقام فيهم بلال بن سعد، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: (يا معشر من حضر: ألستم مقرين بالإساءة؟، قالوا: بلى، فقال: اللهم إنا سمعناك تقول: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) التوبة:91، وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا، اللهم اغفر لنا، وارحمنا واسقنا)، فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا.

طالع ايضا : اللغة الإنجليزية للأطفال – لماذا يجب عليك الاهتمام بها؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *